وأما بيان كيفية وجوبها فأما خارج الصلاة فإنها تجب على سبيل التراخي دون الفور عند عامة أهل الأصول ; لأن دلائل الوجوب مطلقة عن تعيين الوقت فتجب في جزء من الوقت غير عين ويتعين ذلك بتعيينه فعلا ، وإنما يتضيق عليه الوجوب في آخر عمره كما في سائر الواجبات الموسعة .
( وأما ) في الصلاة فإنها تجب على سبيل التضييق لقيام دليل التضييق وهو أنها وجبت بما هو من أفعال الصلاة وهو القراءة فالتحقت بأفعال الصلاة وصارت جزءا من أجزائها ولهذا يجب أداؤها في الصلاة ولا يوجب حصولها في الصلاة نقصانا فيها ، وتحصيل ما ليس من الصلاة في الصلاة إن لم يوجب فسادها يوجب نقصانا ، وإذا التحقت بأفعال الصلاة وجب أداؤها مضيقا كسائر أفعال الصلاة بخلاف خارج الصلاة ; لأن هناك لا دليل على التضييق ولهذا قلنا إذا تلا آية السجدة فلم يسجد ولم يركع حتى طالت القراءة ثم ركع ونوى السجود لم يجزه .
وكذا إذا نواها في السجدة الصلبية ; لأنها صارت دينا والدين يقضى بما له لا بما عليه والركوع والسجود عليه فلا يتأدى به الدين على ما نذكر ولهذا قلنا : إنه لا يجوز التيمم للتلاوة في المصر ; لأن عدم الماء في المصر لا يتحقق عادة والجواز بالتيمم مع وجود الماء لن يكون إلا لخوف الفوت أصلا كما في صلاة الجنازة والعيد ولا خوف ههنا لانعدام وقت معين لها خارج الصلاة فلم يتحقق التيمم طهارة والطهارة شرط لأدائها بالإجماع